أرشيف

هل ستساند الولايات المتحدة سعي الشعوب العربية الى الحرية والحكم الديموقراطي؟

واشنطن ـ القدس: نشرت مجلة “نيوزويك” في عددها الاخير مقالاً عن الثورات العربية والدور الذي لعبته الولايات المتحدة في اطاحة الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي وما اذا كان ينبغي لها ان تلعب دوراً مماثلاً بالنسبة الى سوريا وناقشت المواقف الاميركية من اتجاهات الثورات في مصر وليبيا وتونس وسوريا. وهنا نص المقال:

 

“هناك خريف الآن في الربيع العربي. والاحتجاجات التي بدأت في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، عندما أشعل بائع تونسي متجول النار في نفسه اسقطت ثلاثة من الحكام العرب كانوا يظهرون على أنهم اقوياء خالدون. ولا يبدو أن هذه الحركة ستخمد.

 

وقد استثار الربيع العربي في قلوب الغربيين الإعجاب، بل والحسد. وأجرى المعلقون مقارنات مرهقة وسطحية مع حركة “احتلوا وول ستريت” أو حزب الشاي. ولا يمكن للانسان الا في أميركا أن يتخيل رابطا بين تشنجات عابرة للسياسات الانتخابية لدينا وبين ثورات حضارية عظمى في دول ناشئة، أي المطالبة بالحرية والديموقراطية من جانب شعب كامل اعتقد الخبراء لعدة عقود أن الحكم الاستبدادي فيه هو طريقة حياة طبيعية.

 

واختار آخرون على سبيل الاستعارة انهيار الكتلة الشيوعية عام 1989، وهو حدث سياسي هز العالم وفاجأ الغرب. لكن الأحزاب الحاكمة في العالم العربي، رغم أنها تدعي الحكم باسم الإسلام، ليست موحدة عبر أيديولوجية مركزية. وإذا كان هناك اعتقاد مشترك يجمع بين القادة الأقوياء الذين سقطوا واولئك الذين ما زالوا يحكمون فهو أهمية قوتهم الخاصة- والقدرة على إثراء الدوائر المقربة منهم.

 

وإذا استمرت عواطف الربيع العربي من دون أن تضعف، ستواجه أميركا معضلة. فإدارة اوباما بدت غير مرتاحة خلال الأيام الاولى من الاحتجاجات، ومترددة على سبيل المثال، هل تقف مع مبارك أم ضده. وظهر ان الولايات المتحدة تتابع الاخبار. حتى رغم أن اوباما أعلن في القاهرة قبل عامين فقط من ذلك أن “حكومة الشعب بالشعب تقدم النموذج لكل من يتولون السلطة”.

 

ووجد الرئيس (اوباما) موطئ قدم في قرار الذهاب للحرب ضد القذافي. ويتساءل الناس المتطلعون للحرية في ارجاء المنطقة وكذلك الحكام المستبدون عما إذا كانت الولايات المتحدة لديها الاستعداد لتكرار ذلك، او ما إذا كانت جهودنا لمساعدة الربيع العربي كانت المبادرة الأخيرة من جانب قوة عظمى مضغوطة أكثر بمشاكلها الداخلية.

 

وربما يكون التدخل في ليبيا، على العكس من مخاوف الذين انتقدوه، قد عزز سمعة اميركا في منطقة البحر المتوسط. ويحمل مناهضو النظام في سوريا يافطات ترحب بقتل القذافي وتتوعد بمصير مماثل للأسد. ويطالب المحتجون السوريون واليمنيون الجيش الأميركي بتبني قضاياهم.

 

وما يبعث على السخرية أن الناس الذين يتدفقون الى الشوارع في حماة وصنعاء رأوا بوضوح ما تواصل الإدارة، من دون سبب وجيه، احاطته بالغموض. وكانت ليبيا حربا أميركية ساعد فيها حلف شمال الاطلسي (ناتو)- وليس العكس. فنحن الذين قدمنا الطائرات من دون طيار وصهاريج جوية لإعادة التزود بالوقود وصوارخ الكروز، من دون أن نذكر شيئا عن تسهيلات المراقبة والقيادة والتحكم. ومن غير تدخل الولايات المتحدة فإن القذافي كان سيظل يحكم البلاد. كل العالم العربي يعرف ذلك، رغم أن العاطفة بالنسبة الى من يطلبون الحرية تجاه الولايات المتحدة ستخمد عندما يتلاشى الوجود الأميركي، خصوصا إذا ترك انسحابنا من العراق تلك الديموقراطية الضعيفة تذوب في الوعاء الإيراني.

 

وما ظهر من الربيع العربي هو ان المذابح كانت وسيلة الأمس للسيطرة. وبسبب ارتفاع معنويات المحتجين في سوريا نتيجة النجاحات في شمال افريقيا، فهم أقل خضوعا بل أكثر إقداما تجاه عنف النظام. وعلى الأسد ان يدرك أن حكم حزب البعث ربما يقترب من نهايته.

 

ونحن لا نعلم على أي نحو ستكون التطورات في الدول التي سقط فيها الاقوياء. تونس اجرت للتو انتخابات حرة. وقادة ليبيا الجدد أخافوا الغربيين بالتحدث عن الشريعة، ولكن إلى أن نعرف التفاصيل، ليس هناك مبرر للذعر: فمن الناحية النظرية على الاقل، فإن الحكومة التي تستند إلى مبادئ الشريعة مشابهة للحكومة التي تستند للوصايا العشر. أما مصر فهي حالة مقلقة أكثر: فالجيش ما يزال يحكم، ويبدو أنه لا يعتبر العنف الطائفي مشكلة بل اداة.

 

ومع هذا، فمن المبكر للغاية إعادة التقييم والتفكير للمرة الثانية. فقد قال ويل روجرز ذات مرة إن الحرية تكون فعالة في الخطب اكثر منها عند الممارسة. والعالم العربي جديد على الحرية ومثل البقية في الغرب، يرتكب اخطاء في سيره على الطريق. وليس هناك سبب لعدم تشجيعهم بالهتاف.

زر الذهاب إلى الأعلى